مـَقدسية Admin
عدد المساهمات : 269 تاريخ التسجيل : 30/06/2010 العمر : 33 الموقع : On JeRuSaleM HeaRt
| موضوع: الشيخ المعلم محمد أبو طير ودرس جديد من دروس العزة 24.07.10 10:34 | |
| الحياة مواقف... هكذا علمتنا كتب التاريخ... كما أن التاريخ لم يكتب في يوم من الأيام بماء الورد أو من على ضفاف الأنهار أو في المنتجعات الراقية بل كتبته وصورته وسجلت حروفه المحن والمواقف البطولية والقرارات الشجاعة المبنية على ثقة الإنسان بوعد ربه.
الحياة مواقف... هكذا علمتنا كتب التاريخ... كما أن التاريخ لم يكتب في يوم من الأيام بماء الورد أو من على ضفاف الأنهار أو في المنتجعات الراقية بل كتبته وصورته وسجلت حروفه المحن والمواقف البطولية والقرارات الشجاعة المبنية على ثقة الإنسان بوعد ربه. ومن هذه الدروس والمواقف التي تشعرنا بالعزة والأصالة وتذكرنا بماضينا التليد موقف الشيخ النائب محمد أبو طير أمام قضاة الاحتلال وأمام جيشهم الجبار وأمام قراراتهم الباطلة.
المواقف ليست بحاجة إلى كثير من الشرح والتصوير فالشيخ النائب يقتاد وهو مكبل اليدين والقدمين يسند قامته ويحمل سنين عمره الستين التي أمضى نصفها متنقلاً من سجن لآخر يرتدي بنطاله من دون قشط يلف وسطه، وقميصه غير مكوي وشعره غير مصفوف وشيب وبياض تسرب إلى صاحب اللحية الحمراء، ينتعل في قدميه حذاء من دون رباط كما تقتضي إجراءات السجون الإسرائيلية.
يدخل إلى قاعة المحكمة، يجلس على الكرسي، يعدل نظارته، يوزع ابتسامته المعهودة لمن حضر من محامين وصحافيين، يشبك أصابع يديه مع بعضهما، يدخل القاضي فيقف الجميع إلا الشيخ أبو طير فهو لا يعترف بالمحكمة ولا بقاضيها، تتلى التهم ويا لها من تهم .... الشيخ يشكل خطراً على أمن المنطقة ويجب أن يخرج من المكان ... ويتم عرض الإبعاد على الشيخ وعليه أن يقوم بدفع مبلغ مالي كبير وهو 100 ألف دولار أمريكي وبكفالة تجار كبار من مدينة القدس، كل ذلك لأجل ضمان عدم عودة الشيخ للقدس وكل هذه العروض مقابل الإفراج عنه خارج أسوار القدس.
يبتسم الشيخ ويقول للقاضي هل أنت مجنون ويردد قول رب العزة: (قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه) أريد السجن وأرفض الإبعاد ولو أمضيت ما تبقى من عمري داخل هذه السجون ... تهتز قاعة المحكمة بالقرار ... قرار المسجون المكبل الأسير فليس القاضي هنا صاحب القرار بل الشيخ محمد أبو طير صاحب الحكاية التي نسجت بمنوال العزة هو صاحب القرار ويرفض العرض ويفضل السجن على أن يخرج من مسقط رأسه وبلدته القدس، فالسجن والموت أهون ألف ألف مرة من الحياة خارج أسوارها.
في الحقيقة وأنا أكتب هذه الكلمات التي أصف بها قرار الشيخ المعلم محمد أبو طير قادتني سيرته إلى الماضي من الأزمان وإلى القديم من قصص وسير الرجال، بالإضافة إلى شعوري بالعزة التي سطرها الشيخ محمد أبو طير فبالرغم من أننا أصحاب تاريخ حافل بالمواقف البطولية إلا أننا منذ زمن بعيد لم نشعر بهذه المواقف الحقيقية.
الشيخ المعلم ليس بحاجه إلى إعلام ولا تسجيل مواقف وليست المرة الأولى التي يسجل فيها الشيخ محمد ملحمة بطولية فتاريخه حافل بهذه المواقف ويبدو أن الشيخ كلما تقدم بالعمر كلما ازداد صلابة وشباباً وقدرة.
لم يكن القرار الذي اتخذه الشيخ قراراً من أجله ومن أجل ذاته، بل كان درساً لكل فلسطيني ومسلم ودرساً لكل صهيوني ومستعمر، ففي الدرس معاني حب الوطن ومسقط الرأس ومكانة القدس في قلب الشيخ وأتباع الشيخ ورفاق الشيخ، وفيه درس آخر للمحتل أن الموت والسجن والقتل أهون بألف مرة من خروجنا من هذه الديار فهذه الأرض لنا منذ بدء الخليقة.
ما زلنا نتلقى الدرس على يد المعلم محمد أبو طير دروس مجبولة بالألم والسجن والبعد عن الأهل ولكن بها رائحة طيبة من رائحة العزة ومواقف الرجال التي تغيب عن واقعنا، وهل أجمل من استنشاق رائحة العزة وتذوق طعم الكرامة.
لك شيخنا الصامد محمد أبو طير من بنيك ومحبيك كل التحية ولقد وصلت الرسالة وتعلمنا من مدرستك درساً جديداً في حب الأوطان وعشق الأقصى، فلله درك شيخي ما أروعك.
بقلم: فؤاد الخفش | |
|