ما بين نكبة الاحتلال ونكسة التفاوض

بقلم النائب بالمجلس التشريعي الفلسطيني عن دائرة القدس، أحمد عطون

يتسارع الحديث عن العودة إلى طاولة المفاوضات سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة كما يسميها أصحابها في هذه الأيام والقاموس الفلسطيني مليء بمصطلحات المعاناة والألم التي يعيشها الشعب الفلسطيني لهزيمة ما زالت مستمرة ونكبة ونكسة بوسائل مختلفة وظروف مختلفة وهي ما تسمى (بالمفاوضات)

والتي قد تنشط أحيانا وتخبو أحيانا وعلى الأغلب تتسارع هذه العملية بلقاءات فلسطينية وإسرائيلية من اجل تسوية الصراع كما يسمونه أو مذكرة تفاهم أو اتفاقيات سرية أو علنية لإيجاد حلول للقضايا الأساسية كما يزعم أصحاب هذا الخيار (المفاوضات والمفاوضات فقط) وكأن الهدف من المفاوضات هو التفاوض!! فهل هناك عبثية ومهزلة أكثر من هذه العبثية التفاوضية المستمرة منذ أكثر من سبعة عشر عاما.

ومع تصاعد وتيرة العملية التفاوضية وبعد كل جولة منها يؤكد الاحتلال الصهيوني بوسائل واضحة وخطوات عملية على الأرض بتصعيد هجمته الشرسة ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه وهذا ليس بحاجة لكثير من الدلائل لإثبات ذلك فالواقع على الأرض يثبت ذلك ويؤكده فتوسيع المستوطنات وبناء أخرى وزيادة الهجمة المسعورة على القدس والمقدسات والمسجد الأقصى المبارك والحفريات حوله ومصادرة للأراضي وتوسيع للجدار.... والاغتيالات والاعتقالات..... والتنكر لكل الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وغير ذلك من الجرائم التي طالت وما تزال تطول الحجر والشجر والإنسان الفلسطيني.

فتحت مظلة المفاوضات تسارعت الهجمة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه بأضعاف مضاعفة وذلك من أجل تمرير اكبر قدر من المخططات الصهيونية وفرض سياسة الأمر الواقع وفرض الاملاءات والأجندة الصهيونية لأي حلول أو تسوية ممسوخة تفرض على الفلسطينيين بمباركة بعض الإطراف المحلية والإقليمية التي باعت نفسها وارتضت الارتماء في أحضان المحتل الصهيوني والأمريكي.

فإذا كان المفاوض الفلسطيني لا يستطيع إنهاء الصراع وتسويته مع المحتل والحفاظ على القواسم المشتركة للإجماع الفلسطيني في الحقوق والثوابت....

فيجب عليه إن يمتلك أدوات لمواجهة هذا الصراع.... وأقل القليل أن يتقن فن إدارة هذا الصراع إذا كان لا يملك إنهائه فلا يجب إن يبقى دورنا دور المتلقي فقط تفرض عليه الاملاءات وحلول التسوية بمفاوضات سرية وعلنية أو صفقات سياسية على حساب القضية الفلسطينية بدون مراعاة الحقوق والثوابت الفلسطينية تحت مسمى الواقع والواقعية وموازين القوى وإعطاء الفرص وقبول خيار التفاوض كخيار وحيد... وغير ذلك من المسميات التي لها أول وليس لها أخر.

ويبقى السؤال المطروح هل يوجد هناك شيء أو حد أدنى معروض سياسياً يحافظ على حقوقنا الوطنية حتى نقبله أو نختلف عليه؟!؟! أم إن المطلوب منا إن نقبل أي شيء بوعود ممن لا يملكونها ولا يملكون الوفاء بها... أم هل المطلوب منا إن نحترم الشرعية الدولية التي تعاني من عدم احترام أهلها سواء كانت واشنطن أو المجتمع الدولي أو الاحتلال لها.

وكذلك فنحن لسنا ضد المجتمع الدولي أو الرأي العام العالمي ولكن بشرط إن يكون عادلا ومنصفا وليس ظالما ولا منحازا لطرف على حساب طرف.

ورحم الله الشاعر : إبراهيم طوقان حين قال:

لا تلجأن إذا ظلمت لمنطق فهناك أضيع ما يكون المنطق

فحتى ألان لم يتحرك هذا الضمير ولا هذا المجتمع الدولي منذ أكثر من 63 عاما ولم يُعد لأهل الحق حقهم ولم يردع المحتل عن جرائمه وهجمته المسعورة.

فالتفاوض المجرد من قوة المقاومة لا يأتي لصاحب الحق إلا باتفاقيات إملاء لا مكان للحق ولا للعدل فيها بل المقاومة والثبات على الحقوق والدفاع عن النفس ورفض التسليم للغاصب فيما اغتصب هو الذي يحافظ على جذوة الحق مشتعلة من أجل استعادة الحقوق وتحرير القدس وفلسطين وذلك مشروع بكل شرائع السماء وشرائع الأرض.

أما التفاوض العبثي الذي لا يستند على قوة المنطق ومنطق القوة في الصمود على الحقوق والثوابت فلا يمكن أن يحق حقاً أو يردع محتلاً.... والذي لا يستطيع أعادة واسترجاع الحقوق فلا يحق له ولا يجوز له أن يتنازل أو يفرط بها.