عدد المساهمات : 269 تاريخ التسجيل : 30/06/2010 العمر : 33 الموقع : On JeRuSaleM HeaRt
موضوع: إلى نواب الشرعية المرابطين على ثغر القدس الشريف 14.08.10 8:54
بقلم: النائب فتحي قرعاوي
ما أشبه اليوم بالبارحة عندما اقتلع الاحتلال أكثر من أربعمائة من صفوة أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس من بين أهلهم وأبنائهم وأرضهم إلى منطقة مقطوعة من العالم في جو شديد البرودة إلى ما دون درجة الصفر المئوي وفي جو المطر الغزير والثلج الكثيف... انزل المبعدون من الحافلات وطردوا إلى المجهول... برد قارص.. وحل وثلج كثيف.. انقطاع عن العالم.. منطقة خالية.. إلا من عوالم قسوة الطبيعة ومئات بل الآلاف من الألغام في منطقة غريبة محاطة بقوات عسكريه من مختلف القوى الموجودة في ذلك المكان... من هؤلاء من أخرج بالبيجامة ومنهم من أخرج من الزنازين.
لقد خاض المبعدون معركة متشعبة على كافة الجهات... معركة مع قسوة الطبيعة لإيجاد ملاذ من البرد والثلج أو قل مكان للصلاة والسجود فالأرض كل الأرض موحلة مثلجة رطبة... معركة مع الوحوش الضارية التي تملأ المكان.. معركة لتسهيل إدخال لقمة الطعام.. معركة قانونية وسياسية ومتعددة الجوانب مع العدو الذي أخرجنا.
وأمام هذا كله صبر المبعدون صبر الأبطال ومرت الأيام والليالي لا يفصلهم عن الثلوج المتراكمة سوى قطعة قماش تسمى خيمة لا يأكلون إلا القليل من الطعام ورغم كل ذلك أعلن المبعدون قرارهم الذي لا تراجع عنه (بأن لا مجال للنزول عن تلة مرج الزهور إلا بالعودة إلى الوطن ومن نفس المعبر الذي أبعدوا منه).
سمعنا كلاماً من الكثيرين ومنهم صادقون غيورون جاؤوا لزيارتنا ومنهم مناضلون جاء ليقول لقد عودنا الاحتلال أنه ما أبعد فلسطينيا وأعاده مرة ثانية وهذه التجارب ماثلة أمامنا!!..
لم نكن نعلم الغيب ولا يوجد لدينا أية معطيات نبني عليها تفاؤلنا إلا أن ثقتنا بربنا كانت عظيمة ثم بقدرتنا على الصمود والصبر ووحدة الصف والتفاف الصادقين من حولنا حيث زيارات التضامن من بين الثلوج لم تنقطع لحظه وكم من الناس من ضاع بين الثلوج لأيام واعتبر وصولهم إلينا قمة الانتصار.
لقد عرض علينا البعض (رشوة) مبلغاً مالياً كبيراً لكل مبعد مقابل دخول الأرض اللبنانية وأن تستلم المنظمة هذا الملف وتعمل على إعادتنا حيث خاطبنا بعضهم قائلاً أنه من حقكم كما أبناء الشعب الفلسطيني المبعدين أن تستقروا وتعيشوا حياتكم وأن تدرسوا الماجستير والدكتوراه وكان جوابنا كلمة واحدة.. لا..
لقد عرض علينا الحج والعمرة (كنوع من الحلحلة) على أن تتم عودتنا من الديار الحجازية لا من نفس المعبر الذي أخرجنا منه وكان الجواب نفس الكلمة... لا..
ثم عرض علينا السفر لدول أوروبية كسويسرا واليونان وغيرهما ريثما يتم حل الموضوع وكان الجواب أيضا.. لا..
وأمام هذا الصبر عرض علينا الجانب الإسرائيلي أن نلجأ إلى القانون والمحاكم الإسرائيلية للاستئناف على قرار الإبعاد فكان الإعلان من طرفنا أننا لا نعترف بالقضاء الإسرائيلي ولا بالمحاكم الظالمة وأن قرارنا هو القرار وتدخل كريستوفر - وزير خارجية أميركا- طالباً من بعض الجهات ذات العلاقة مع المبعدين من أجل الضغط عليهم للقبول بالعرض الإسرائيلي وكان تقديرنا أمام هذا الصمود أن الجانب الإسرائيلي قد بدأ يتراجع فأخذ يوسط البعض إلا أن هذا الطرف رد عليه قائلاً "لقد أقسم المشايخ اليمين بعدم الرضوخ لأي مطلب غير العودة الجماعية".
وتهيأ الجميع لاحتمال اقتلاع وطرد المبعدين من المكان الذي شكل إزعاجاً وضغطاً على الاحتلال بالقوة فأرسل المتحدث باسم المبعدين الدكتور الرنتيسي رحمه الله رسالة إلى جميع الأطراف فحواها "أن المكان إلي نحن فيه يوجد فيه كمية كافية من الحجارة".
وأمام هذا الإصرار بدأ العدو يقدم المبادرة تلو المبادرة حتى وافق أخيراً على عودة الجميع بعد تقديم الضمانات الكافية ومن نفس المعبر الذي أخرج منه المبعدون.
إن قضية النواب المبعدين عن القدس القادة النائب محمد أبو طير والنائب احمد عطون والنائب محمد طوطح والوزير خالد أبو عرفة لا تختلف كثيراً عن قضية مبعدي مرج الزهور وإن كانت الثانية قد أخذت زخماً أكثر وتغطية أوسع إلا أن المضمون هو واحد تفريغ فلسطين والقدس من رجالاتها وقادتها الأطهار الأكفاء.
إن الاحتلال لا يستطيع أن يصبر إلى ما لانهاية أمام صمود النواب أمام مقر الصليب الأحمر الدولي لأنها تشكل له اتهاماً مباشراً وصورة واضحة عن إجراءاته التعسفية والظالمة وغير القانونية بحق أهل القدس، فالقدس مدينة محتلة وإبعاد أهلها عنها يشكل خرقاً للقانون الدولي بل لكل قوانين العالم واستمرار هذا الوضع يلزم الاحتلال بإنهاء معاناة هؤلاء الرجال الكرام (...فإنهم يألمون كما تألمون) وبالمزيد من الصبر من هؤلاء الكرام يزداد المحتل معاناة ويضيق ذرعاً ويبدأ البحث عن طرق تخرجه من هذا المأزق حيث يتحول هذا الاعتصام كارثة عليه كما مرج الزهور.
- إن ضرورة استمرار الإعلام في التواجد والمتابعة ونقل فعاليات الاعتصام يبقي القضية حيه وإني هنا أقترح أن تتبرع إحدى الفضائيات بجعل ساعة بث مرتين في الأسبوع على الأقل من مقر الصليب الأحمر وأن تتوحد أكثر من فضائيه في بث لمدة ساعة كل يومين يتحدث فيها النواب المعتصمون وأهل القدس عن معاناة سكان القدس.
- إن استمرار الصبر مهما طال واستمرار الصمود والعزم على ذلك والإعداد له جيداً كفيل بأن يحرك القضية على أكثر من بعد وأكثر من جانب يتزامن ذلك مع استمرار زيارات الشخصيات الدولية والمؤسسات الفاعلة والتواصل من خلال الهاتف للتضامن والضغط بكل الاتجاهات..
أذكر أن مجموعة من الطلاب البريطانيين في مقاطعة ويلز البريطانية نصبوا خيمة في أحد شوارع المقاطعة وأطلقوا موجه إذاعية واستجلبوا المتضامنين ليعروا الاحتلال الإسرائيلي الذي أبعد الفلسطينيين من أراضيهم ثم تضامناً مع أحد زملائهم من المبعدين والذي كان معهم في إحدى الجامعات البريطانية وهو الدكتور عمر فروانة وأرسل المتضامنون وفداً لمرج الزهور مما أحرج الجالية اليهودية في لندن وشعرت بالحرج والضغط الحقيقي.
لقد أعلن الناطق الرسمي على أبواب معبر زمريا أثناء عودتنا قائلاً "لقد نجح مبعدو مرج الزهور في إغلاق باب الإبعاد والى الأبد" وفعلاً بقي باب الإبعاد مغلقا حتى فتحه الذين أبرموا اتفاقية إبعاد مناضلي كنيسة المهد الذين لازالت معاناتهم قائمة إلى اليوم.
إن الرجال المتواجدين اليوم على ثغر القدس إنما هم صنف من الرجال نراهن على صدقهم وصبرهم وثباتهم وقدرتهم على إغلاق باب الإبعاد من القدس وإلى الأبد.
وهم لا يطلبون من أمتهم أكثر من التضامن والوقوف إلى جانب قضيتهم العادلة عدالة القضية الفلسطينية الراسخة رسوخ المسجد الأقصى كعقيدة في نفوس أبناء الأمة.
ونحن على أبواب الأيام الأولى لشهر رمضان مطلوب منا أن نجعل قضية النواب المقدسيين حية في كل مكان ومقام وحي ومسجد ثم ليس اقل من رفع الأيدي إلى السماء عند الإفطار أو وقت السحر بالدعاء لأهل القدس ولهؤلاء الكرام بالثبات والعودة المظفرة إلى بيوتهم وذويهم وذلك اضعف الإيمان.